منوعات

الخميس، 21 أبريل 2016

متحف تتجول في أروقته عناكب سامة تتحدى الموت

متحف تتجول في أروقته عناكب سامة تتحدى الموت


متحف تتجول في أروقته عناكب سامة تتحدى الموت


كانت الساعة تقترب من منتصف الليل عندما دلفت إلى المتحف الفنلندي للتاريخ الطبيعي في هلسنكي، وذلك من باب خلفي للمبنى، لأبدأ رحلة البحث عن عنكبوت مميت.
يزهو المتحف – مثله مثل أي مؤسسة أقيمت لمثل هذا الغرض – بمجموعته الكبيرة والمهمة من العينات النباتية والحيوانية والجيولوجية وكذلك تلك التي تعود إلى العصر الحجري، وهي تشكيلة جُمعت كلها من مختلف أنحاء العالم.
لكن هذا المكان ظل لأكثر من 50 عاما مأوى لمجموعة متزايدة العدد من نوع من العناكب؛ يُعرف الواحد منه باسم "عنكبوت تشيلي المتوحد"، واسمه العلمي (العَصْلاَءُ القاتلة). ويُنظر إلى هذا العنكبوت على نطاق واسع باعتباره الأكثر سُمية من بين فصائل جنسه. وفي واقع الأمر، ما من أحد يعلم تحديدا كيف وصل إلى داخل هذا المتحف.
في البداية، فتح خبير تحنيط الحيوانات يان غرانروه الباب المفضي لقاعة عرض مؤقتة قابعة في الطابق الأرضي. وأشار غرانروه إلى أن هذه القاعة شهدت مؤخرا معرضا تطلب إقامته إحضار بعض جذوع الأشجار إلى داخل المكان. وأوضح بالقول إن ذلك "جلب الكثير من الحشرات، لتقضي العناكب وقتا ممتعا حافلا بالنشاط".
لكن هذه الغرفة ليست مفتوحة في الوقت الراهن أمام الزوار، بل تُستخدم كمساحة للتخزين تتكدس فيها صناديق للتعبئة وألواح فلين، وإطاراتٌ لصور، فضلا عما يشبه معرضا للحيوانات المحنطة؛ يضم إحدى الجواميس، وزوجا مما يُعرف بالحمير الوحشية المقاتلة، وظبيا أفريقيا، بجانب نعامة، ثُبتت رقبتها النحيلة على حامل معدني.
ومضى غرانروه بثقة ليفتح خزانة ضخمة ذات أدراج، قبل أن يرفع لوحا تلو الآخر من الألواح الجصية، ما مكنه من أن يتسلق بصعوبة كومة من الألواح الخشبية، ليجثو بعد ذلك على ركبتيه ليسلط الضوء تحت إحدى الخزانات.
تحليت عندئذٍ بحذر أكبر. وغمرتني مشاعر متضاربة، وأنا اضغط نفسي خلف مخلوق شبيه بحيوان ثدييّ يُدعى ألباكا؛ وهو حيوان شبيه بالخروف؛ وهي مشاعر تجمع ما بين الإعجاب بنعومة فراء هذا المخلوق، والانزعاج من فكرة أن هذا المعطف الذي يتدثر به ذلك الحيوان الثدييّ القادم من أمريكا الجنوبية، ربما يكون هو ذاته – على وجه الخصوص – مزارا مناسبا للعنكبوت التشيلي المتوحد.
وتشكل أمريكا الوسطى والجنوبية الموطن الأصلي لهذه العناكب، إذ تعيش هناك تحت الصخور وبداخل فجوات الأشجار، وغيرها من المواضع المعزولة. ولكن كيف انتقلت تلك المخلوقات لمسافة تزيد على 13 ألف كيلومتر، لتقطن قبو متحف على بعد مئات الكيلومترات لا أكثر من الدائرة القطبية الشمالية؟
رفع الصور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق